لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

الثلاثاء، 21 أغسطس 2018

من موسوعة النعيم {الجبن -الجحود}

الكتاب : الجبن

الجبن
الجبن لغةً:
مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: جَبُنَ يَجْبُنُ أَيْ صَارَ جَبَانًا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (ج ب ن) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى ضَعْفٍ فِي القَلْبِ(1) وذَلِكَ صِفَةُ الجَبَانِ، يُقَالُ: رَجُلٌ جَبَانٌ وَجَبَّانٌ وَجَبِينٌ: هَيَّابٌ لِلأَشْيَاءِ فَلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا، ومِنَ المَجَازِ قَوْلُهُمْ: جَبَانُ الكَلْبِ، أَيْ فِي نِهَايَةِ الكَرَمِ، لأَنَّهُ لِكَثْرَةِ تَرَدُّدِ الضِّيفَانِ إِلَيْهِ يأْنَسُ كَلْبُهُ فَلاَ يَهِرُّ أَبَدًا، جَمْعُ الجَبَانِ جُبَنَاءُ،وَهُوَ ضِدُّ الشُّجَاعِ والأُنْثَى: جَبَانٌ (أيْضًا) مِثْلُ حَصَانٍ ورَزَانٍ، وَالفِعْلُ جَبَنَ وَجَبُنَ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ،وَالمَصْدَرُ الجُبْنُ والجُبُنُ والجَبَانَةُ، وَأَجْبَنَهُ:وَجَدَهُ جَبَانًا أَوْ حَسِبَهُ إِيَّاهُ، ومِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ: للهِ دَرُّكُمْ يابَنِي سُلَيْمٍ، قَاتَلْنَاكُمْ فَمَا أَجْبَنَّاكُمْ.أَيْ فَمَا وَجَدْنَاكُمْ جُبَنَاءَ، وَحُكِيَ أَيْضًا قَوْلُهُمْ:هُوَ يُجَبَّنُ أَيْ يُرْمَى بِالجُبْنِ ويُقَالُ لَهُ، وَجَبَّنَهُ تَجْبِينًا نَسَبَهُ إِلى الجُبْنِ،وَفِي الحَدِيثِ [ أَنَّ النَّبِيَّ
J احْتَضَنَ أَحَدَ ابْنَيِ ابْنَتِهِ،وَهُوَ يَقُولُ:وَاللهِ إِنَكُمْ لَتُجَبِّنُونَ وَتُبَخِّلُونَ وَتُجَهِّلُونَ،وَإِنَّكُمْ لَمِنْ رَيْحَانِ اللهِ].
الجبن اصطلاحًا:
قَالَ الجَاحِظُ: هُوَ الجَزَعُ عِنْدَ المَخَاوِفِ وَالإِحْجَامُ عَمَّا تُحْذَرُ عَاقِبَتُهُ أَوْ لاَ تُؤْمَنُ مَغَبَّتُهُ(2).
__________
(1) لهذه المادة معنيان آخَرَانِ هما: الجُبْنُ الذي يؤكل، والجَبِينان ما عن يمين الجبهة وشِمَالِهَا، كل واحد منهما جبين.
(2) تهذيب الأخلاق للجاحظ (3‍‍).

(1/1)


وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: هَيْئَةٌ حَاصِلَةٌ لِلقُوَّةِ الغَضَبِيَّةِ بِهَا يُحْجِمُ عَنْ مُبَاشَرَةِ مَا يَنْبَغِي وَمَا لاَ يَنْبَغِي(1).
الجبان لا يكاد ينام:
قَالَ اْلأَبْشِيهِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: الْجُبْنُ خُلُقٌ مَذْمُومٌ قَدِ اسْتَعَاذَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ
J، وَنَحْنُ نَعُوذُ بِاللهِ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ سَيِّدُ الْخَلْقِ رَسُولُ اللهِ J وَيَكْفِي فِي ذَمِّهِ أَنْ يُقَالَ فِي وَصْفِ الْجَبَانِ: إِنْ أَحَسَّ بِعُصْفُورٍ طَارَ فُؤَادُهُ، وَإِنْ طَنَّتْ بَعُوضَةٌ طَالَ سُهَادُهُ، يَفْزَعُ مِنْ صَرِيرِ الْبَابِ، وَيَقْلَقُ مِنْ طَنِينِ الذُّبَابِ. إِنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ شَزْرًا أُغْمِيَ عَلَيْهِ شَهْرًا، يَحْسَبُ خُفُوقَ الرِّيَاحِ قَعْقَعَةَ الرِّمَاحِ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا صَوَّتَ العُصْفُورُ طَارَ فُؤَادُهُ…وَلَيْثٌ حَدِيدُ النَّابِ عِنْدَ الثَّرَائِدِ(2).
الآيات الواردة في "الجبن" معنىً
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا(9)إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ(10)هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا(11)}(3)
__________
(1) التعريفات (3‍‍).
(2) المستطرف (2‍/23).
(3) الأحزاب : 9-11 مدنية

(1/2)


{أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا(19)يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً(20)}(1)
{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ(4)}(2)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الجبن"
1‍*( عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ـ رَضَيِ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: [ إِنَّ النَّبِيَّ
J، كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: مِنَ البُخْلِ، وَالْجُبْنِ، وَفِتْنَةِ الصَّدَرِ(3)، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَسُوءِ العُمْرِ])*(4).
__________
(1) الأحزاب : 19-20 مدنية
(2) المنافقون : 4 مدنية
(3) فتنة الصَّدَر: الصدر بالتحريك: رجوع المسافر من مقصده والمراد: رجوع الناس إلى خالقهم يوم المحشر فاستعاذ النبي
J من فتنة هذا اليوم.
(4) أحمد(1‍/2‍‍). وقال الشيخ أحمد شاكر:إسناده صحيح (1‍/8‍‍‍). وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على [المسند] (1‍/290) طبع مؤسسة الرسالة: إسناده صحيح.

(1/3)


2 - *( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْه ُ ـ أَنَّ النَّبِيَّ J، قَالَ لأَبِي طَلْحَةَ: [ التْمِسْ لِي غُلاَمًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي وَأَنَا غُلاَمٌ رَاهَقْتُ الحُلُمَ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللهِ J إِذَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثىرًا يَقُولُ: [اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ(1)، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ... الحَدِيثُ ])*(2).
3 - *( عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ
J وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلاً مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَتْ رَسُولَ اللهِ J الأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ(3) فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللهِ J فَقَالَ: [ أَعْطُونِي رِدَائِي فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ العِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُونَنِي بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا ])*(4).
4 - *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ شَرُّ مَا فِي رَجُلٍ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ ])(5).
__________
(1) ضلع الدَّيْن: ثقله، والضلع الاعوجاج أي يثقله حتى يميل صاحبه عن الاستواء.
(2) البخاري - الفتح6‍(3‍‍‍‍) واللفظ له.ومسلم (6‍‍‍‍).
(3) سمرة: نوع من الشجر.
(4) البخاري - الفتح 6‍(8‍‍‍‍).
(5) أحمد (2‍/2‍‍‍)،وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح الموضع الأول (5‍‍/4‍‍‍) والموضع الثاني (6‍‍/ 6‍‍‍). وذكره الألباني في صحيح الجامع (2‍/8‍‍‍)/ (3‍‍‍‍)،وهو في الصحيحة(2‍/8‍‍) رقم (0‍‍‍) وعزاه كذلك لابن حبان 8‍(3250).

(1/4)


5 - *( عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: لاَ أَقُولُ لَكُمْ إِلاَّ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ J يَقُولُ، كَانَ يَقُولُ: [ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن العَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ. اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا. أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَتَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا ])*(1).
من الآثار وأقوال العلماء الواردة في ذَمِّ "الجبن"
1‍*( قَالَ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ يُوصِي يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَقَدْ أَمَّرَهُ عَلَى جَيْشٍ بَعَثَهُ إِلَى الشَّامِ: [إِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرِ خِلاَلٍ:لاَ تَقْتُلُوا امْرَأَةً، وَلاَ صَبِيًّا، وَلاَ كَبِيرًا هَرِمًا، وَلاَ تَقْطَعُوا شَجَرًا مُثْمِرًا،وَلاَ تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا، وَلاَ تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلاَ بَعِيرًا إِلاَّ لِمَأْكَلَةٍ، وَلاَ تُغْرِقَنَّ نَخْلاً، وَلاَ تَحْرِقَنَّهُ، وَلاَ تَغْلُلْ، وَلاَ تَجْبُنْ])*(2).
2‍- *( قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ فِي حُرُوبِ الرِّدَّةِ: [ أَجَبَّارٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ وَخَوَّارٌ فِي الإسْلاَمِ؟ ])*(3).
__________
(1) مسلم (2‍‍‍‍).
(2) ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء (120) طبع دار صادر، وعزاه للبيهقي وغيره عن أبي عمران الجوني.
(3) لسان العرب (3‍/5‍‍‍‍).

(1/5)


3‍- *(قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّاب ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: كَرَمُ المُؤْمِنِ تَقْوَاهُ، وَدِينُهُ حَسَبُهُ، وَمُرُوَءتُهُ خُلُقُهُ، وَالجُرْأَةُ وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ يَضَعُهَا اللهُ حَيْثُ شَاءَ، فَالْجَبَانُ يَفِرُّ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَالْجَرِيءُ يُقَاتِلُ عَمَّا لاَ يَؤُوبُ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، وَالْقَتْلُ حَتْفٌ مِنَ الحُتُوفِ(1)…
وَالشَّهِيدُ مَنِ احْتَسَبَ نَفْسَهُ عَلَى اللهِ(2)])*(3).
4 - *( قَالَ عَمْرُو بْنُ أُمَامَةَ:
لَقَدْ حَسَوْتُ المَوْتَ قَبْلَ ذَوْقِهِ……إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ
كُلُّ امْرِىءٍ مُقَاتِلٌ عَنْ طَوْقِهِ……وَالثَّوْرُ يَحمِي أَنْفَهُ بِرَوْقِهِ(4)*(5).
5 - *( قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: [إِنَّ الجَمِيعَ يَتَمَادَحُونَ بِالشَّجَاعَةِ وَالْكَرَمِ حَتَّى إٍنَّ ذَلِكَ عَامَّةُ مَا يَمْدَحُ بِهِ الشُّعَرَاءُ مَمْدُوحِيهِمْ فِي شِعْرِهِمْ، وَكَذَلِكَ يَتَذَامُّونَ بالْبُخْلِ وَالجُبْنِ ])*(6).
من مضار "الجبن"
(1‍) الذُّلُّ فِي الدُّنْيَا، وَالخِزْيُ فِي الآخِرَةِ.
(2‍) الجَبَانُ لاَ يَسُودُ وَلاَ يَكُوُن إِمَامًا.
(3‍) مِنْ أَسْوَأِ الخِلاَلِ وَشَرِّ الخِصَالِ.
(4‍) لاَ يُؤَخِّرُ أَجَلاً وَلاَ يُقَرِّبُ نَفْعًا.
(5‍) الجَبَانُ مُبْغَضٌ حَتَّى إِلَى أَقْرِبَائِهِ.
(6‍) يُؤَدِّي إِلَى احْتِلاَلِ الأَوْطَانِ، وَهَتْكِ الأَعْرَاضِ.
(7‍) وُجُودُ الجُبَنَاءِ فِي المعْرَكَةِ يَفُتُّ فِي عَضُدِ الجَيْشِ الكَبِيرِ.
__________
(1) حتف من الحتوف:أي نوع من أنواع الموت.
(2) الشهيد من احتسب نفسه على الله: أي رضي بالقتل في طاعة الله رجاء ثوابه تعالى.
(3) الموطأ (2‍/3‍‍‍).
(4) الروق: القرن من كل شيء.
(5) مجمع الأمثال لأبي الفضل أحمد بن محمد النيسابوري الميداني (1‍/9‍‍).
(6) باختصار من الاستقامة (2‍/3‍‍‍).=

الكتاب : الجحود

الجحود
الجحود لغةً:
الْجُحُودُ وَالجَحْدُ مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: جَحَدَ يَجْحَدُ جَحْدًا وَجُحُودًا وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ ( ج ح د ) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ الخَيْرِ. يُقَالُ: عَامٌ جَحِدٌ: قَلِيلُ الْمَطَرِ، وَالْجَحْدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، القِلَّةُ .
وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: أَجْحَدَ الرَّجُلُ وَجَحَدَ إِذَا أَنْفَضَ وَذَهَبَ مَالُهُ وَمِنْ هَذَا البَابِ الجُحُودُ، وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ مَعَ عِلْمِ الجَاحِدِ بِهِ أَنَّهُ صَحِيحٌ . قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} وَمَا جَاءَ جَاحِدٌ بِخَيْرٍ قَطُّ(1).
وَيَقُولُ الجَوْهَرِيُّ: الجُحُودُ: الإِنْكَارُ مَعَ الْعِلْمِ . يُقَالُ: جَحَدَهُ حَقَّهُ وَبِحَقِّهِ، وَالجَحْدُ أَيْضًا: قِلَّةُ الخَيْرِ، وَكَذَلِكَ الجُحْدُ بِالضَّمِّ وَالجَحَدُ بِالتَّحْرِيكِ مِثْلُهُ . يُقَالُ: نَكَدًا لَهُ وَجَحَدًا .
وَجَحِدَ الرَّجُلُ ـ بِالكَسْرِ ـ جَحَدًا، فَهُوَ جَحِدٌ إِذَا كَانَ ضَيِّقًا قَلِيلَ الخَيْرِ، وَأَجْحَدَ مِثْلُهُ(2).
وَقَالَ الرَّاغِبُ: يُقَالُ: رَجُلٌ جَحْدٌ شَحِيحٌ، قَلِيلُ الخَيْرِ، يُظْهِرُ الفَقْرَ ... وَأَجْحَدَ: صَارَ ذَا جَحْدٍ(3).
وَالجُحْدُ وَالجَحْدُ: الضِّيقُ فِي الْمَعِيشَةِ، يُقَالُ: جَحِدَ عَيْشُهُمْ جَحَداً، إِذَا ضَاقَ وَاشْتَدَّ(4).
وَجَحَدَ فُلاَنًا: صَادَفَهُ بَخِيلاً، قَلِيلَ الخَيْرِ .. وَجَحِدَ: نَكِدَ . وَفَرَسٌ جَحِدٌ - كَكَتِفٍ - غَلِيظٌ قَصِيرٌ .
الجحود اصطلاحًا:
الجُحُودُ: نَفْيُ مَا فِي القَلْبِ إِثْبَاتُهُ، وَإِثْبَاتُ مَا فِي القَلْبِ نَفْيُهُ ،(5)الجَحْدُ إِنْكَارُ مَا سَبَقَ لَهُ وُجُودٌ، وَهُوَ خِلاَفُ النَّفْيِ(6).
__________
(1) المقاييس (1‍/6‍‍‍) .
(2) الصحاح (2‍/2‍‍‍) .
(3) المفردات( 8‍‍).
(4) اللسان (1‍/7‍‍‍) .
(5) المفردات (8‍‍).
(6) التوقيف (1‍‍‍)

(1/1)


الفرق بين النفي والجحد:
الجَحْدُ مُخْتَصٌّ بِالْمَاضِي، وَالنَّفْيُ عَامٌّ يَشْمَلُ الْمَاضِيَ وَالحَاضِرَ، وَالجَحْدُ يُقَالُ فِيمَا يُنْكَرُ بِاللِّسَانِ دُونَ القَلْبِ، وَالنَّفْيُ يُقَالُ فِيهِمَا، وَالنَّافِي إِذَا كَانَ كَلاَمُهُ صَادِقًا يُسَمَّى كَلاَمُهُ نَفْيًا، وَلاَ يُسَمَّى جَحْدًا، قَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} ، فَهَذَا نَفْيٌ، وَإِنْ كَانَ كَاذِباً يُسَمَّى جَحْدًا وَنَفْيًا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}(1).
أسباب كفران النعم وجحودها:
لَوْ أَمْعَنَ الإِنْسَانُ النَّظَرَ فِي أَحْوَالِهِ رَأَى مِنَ اللهِ نِعَمًا كَثِيرَةً تَخُصُّهُ لاَ يُشَارِكُهُ فِيهَا النَّاسُ كَافَّةً بَلْ يُشَارِكُهُ عَدَدٌ يَسِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَرُبَّمَا لاَ يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الخَلْقِ، وَذَلِكَ يَتَمَثَّلُ فِي ثَلاَثَةِ أُمُورٍ يَعْتَرِفُ بِهَا كُلُّ عَبْدٍ:
أَحَدُهَا: العَقْلُ . فَإِنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ لِلَّهِ تَعَالَى إِلاَّ وَهُوَ رَاضٍ عَنِ اللهِ فِي عَقْلِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَعْقَلُ النَّاسِ، وَقَلَّ مَنْ يَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى العَقْلَ، وَلِذَا وَجَبَ عَلَى كُلِّ الخَلْقِ شُكْرُ اللهِ.
وَالأَمْرُ الثَّانِي: الخُلُقُ . فَمَا مِنْ عَبْدٍ إِلاَّ وَيَرَى مِنْ غَيْرِهِ عُيُوبًا يَكْرَهُهَا وَأَخْلاَقًا يَذُمُّهَا، وَإِنَّمَا يَذُمُّهَا مِنْ حَيْثُ يَرَى نَفْسَهُ بَرِيئًا مِنْهَا فَإِذَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِذَمِّ الغَيْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْكُرَ اللهَ إِذْ حَسُنَ خُلُقُهُ وَابْتُلِيَ غَيْرُهُ بِسُوءِ الخُلُقِ.
__________
(1) التوقيف (2‍)، والتعريفات (7‍‍)، والكليات للكفوي (0‍‍‍).

(1/2)


وَالأَمْرُ الثَّالِثُ الَّذِي يُقِرُّ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ: العِلْمُ . فَمَا مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَيَعْرِفُ بَوَاطِنَ أُمُورِ نَفْسِهِ وَخَطَايَا أَفْكَارِهِ وَمَا هُوَ مُنْفَرِدٌ بِهِ، وَلَوْ كُشِفَ الغِطَاءُ حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الخَلْقِ لاَفْتَضَحَ، فَكَيْفَ لَوِ اطَّلَعَ النَّاسُ كَافَّةً أَلاَ يُوجِبُ سَتْرُ القَبِيحِ وَإِخْفَاؤُهُ عَنْ عَيْنِ النَّاسِ شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ العَظِيمَةِ؟.
وَمَا سَدَّ عَلَى الخَلْقِ طَرِيقَ الشُّكْرِ إِلاَّ جَهْلُهُمْ بِضُرُوبِ النِّعَمِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ وَالخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ، أَوِ الغَفْلَةُ عَنْهَا لِحُصُولِهِمْ عَلَيْهَا بِلاَ أَدْنَى سَبَبٍ(1).
الجحود بآيات الله:
إِنَّ الجَاحِدَ بِآيَاتِ اللهِ لَنْ يُغْنِيَ عَنْهُ سَمْعُهُ وَلاَ بَصَرُهُ، وَلاَ فُؤَادُهُ، وَكَأَنَّهُ حَرَمَ نَفْسَهُ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ الَّتِي أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَيْهِ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللهِ}.
وَالنَّتِيجَةُ الحَتْمِيَّةُ لِلْجُحُودِ هِيَ الخُلُودُ فِي النَّارِ وَفَوْقَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاءٌ للهِ فَاسْتَحَقُّوا بِذَلِكَ الوَعِيدَ الشَّدِيدَ {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} .
الآيات الواردة في "الجحود"
الجاحدون من أكبر النادمين :
__________
(1) انتهى بتصرف من إحياء علوم الدين للغزالي (4‍/3‍‍‍6‍‍‍).

(1/3)


{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُقَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ(50)الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ(51)}(1)
الجاحدون سفهاء ظالمون :
{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ(33)}(2)
{وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ(71)}(3)
الجحود سمة الكافرين السابقين :
{وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ(59)وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ(60)}(4)
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ(26)فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ(27)ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ(28)}(5)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الجحود"
__________
(1) الأعراف : 50-51 مكية.
(2) الأنعام : 33 مكية.
(3) النحل : 71 مكية.
(4) هود : 59-60مكية.
(5) فصلت : 26-28مكية.

(1/4)


1‍- *(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الدَّيْنِ قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَوْ أَوَّلُ مَنْ جَحَدَ آدَمُ - إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ ذَرَارِيِّ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. فَجَعَلَ يَعْرِضُ ذُرِّيَّتَهُ عَلَيْهِ، فَرَأَى مِنْهُمْ رَجُلاً يَزْهَرُ(1)، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، مَنْ هَذَا؟. قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدَ . قَالَ: أَيْ رَبِّ، كَمْ عُمْرُهُ؟ . قَالَ: سِتُّونَ عَامًا . قَالَ: رَبِّ زِدْ فِي عُمْرِهِ . قَالَ: لاَ . إِلاَّ أَنْ أَزِيدَهُ مِنْ عُمْرِكَ، وَكَانَ عُمْرُ آدَمَ أَلْفَ عَامٍ، فَزَادَهُ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَكَتَبَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةَ، فَلَمَّا احْتُضِرَ آدَمُ وَأَتَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ لِتَقْبِضَهُ قَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعُونَ عَامًا. فَقِيلَ: إِنَّكَ قَدْ وَهَبْتَهَا لابْنِكَ دَاوُدَ . قَالَ: مَا فَعَلْتُ وَأَبْرَزَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ الكِتَابَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ])*(2).
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الجحود" معنًى
__________
(1) يزهر: يضيء وجهه حسنًا .
(2) أحمد (1‍/1‍‍‍‍‍‍) واللفظ له، وقال الشيخ أحمد شاكر (4‍/1‍‍): صحيح، والحديث في مجمع الزوائد (8‍/6‍‍‍) وزاد نسبته إلى الطبراني وكذا ابن كثير (2‍/1‍‍).

(1/5)


2- *(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: إِنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ J الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا(1) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ J: [إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا] فَفَعَلُوا فَصَحُّوا، ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرُّعَاةِ فَقَتَلُوهُمْ، وَارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ، وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللهِ J، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ J، فَبَعَثَ فِي أَثَرِهِمْ فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ(2)، وَتَرَكَهُمْ فِي الحَرَّةِ(3) حَتَّى مَاتُوا)*(4)
3- *(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ
J: [أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ . قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟ . قَالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ])*(5).
__________
(1) اجتووها: لم توافقهم وكرهوها لسقم أصابهم.
(2) سمل أعينهم: فقأها وأذهب ما فيها.
(3) الحرة: أرض ذات حجارة سود معروفة بالمدينة.
(4) البخاري . الفتح 2‍‍(2‍‍‍‍) ومسلم (1‍‍‍‍) وهذا لفظه.
(5) البخاري- الفتح 1‍(9‍‍) واللفظ له، ومسلم (7‍‍‍).

(1/6)


4-*عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللهُ شَاكِرًا صَابِرًا . وَمَنْ لَمْ تَكُونَا فِيهِ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ شَاكِرًا وَلاَ صَابِرًا . مَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ، وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمِدَ اللهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ عَلَيْهِ كَتَبَهُ اللهُ شَاكِرًا صَابِرًا، وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، وَنَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهُ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ شَاكِرًا وَلاَ صَابِرًا])*(1).
5- *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [ قَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ])*(2).
6‍*(عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [مَنْ لَمْ يَشْكُرِ القَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الكَثِيرَ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللهَ، وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللهِ شُكْرٌ،وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَالجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالفُرْقَةُ عَذَابٌ])*(3).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "الجحود"
__________
(1) الترمذي (2‍‍‍‍) واللفظ له، وقال: حسن غريب . وبعضه في مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (3‍‍‍‍)، ابن ماجة (2‍‍‍‍).
(2) البخاري- الفتح 8‍(6‍‍‍‍).
(3) أحمد (4‍/8‍‍‍)، وذكره الألباني في الصحيحة برقم (7‍‍‍)، (2‍/6‍‍‍)، وعزاه أيضا للقضاعي (3‍/1‍).

(1/7)


1‍*(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} (العاديات/6‍): أَيْ كَفُورٌ.
وَكَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: الكَنُودُ: الَّذِي يَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ، وَيَمْنَعُ رِفْدَهُ.
وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: الكَنُودُ هُوَ الَّذِي يَعُدُّ الْمَصَائِبَ وَيَنْسَى نِعَمَ اللهِ عَلَيْهِ)*(1).
2- *(قَالَ كَعْبُ الأَحْبَارِ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ: مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَى عَبْدٍ مِنْ نِعْمَةٍ فِي الدُّنْيَا فَشَكَرَهَا لِلَّهِ وَتَوَاضَعَ بِهَا للهِ إِلاَّ أَعْطَاهُ نَفْعَهَا فِي الدُّنْيَا، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً فِي الآخِرَةِ، وَمَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فِي الدُّنْيَا فَلَمْ يَشْكُرْهَا للهِ، وَلَمْ يَتَوَاضَعْ بِهَا إِلاَّ مَنَعَهُ اللهُ نَفْعَهَا فِي الدُّنْيَا، وَفَتَحَ لَهُ طَبَقَاتٍ مِنَ النَّارِ يُعَذِّبُهُ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتَجَاوَزُ عَنْهُ)*(2).
3 - *(كَتَبَ ابْنُ السَّمَّاكِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ - رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى - حِينَ وَلِيَ القَضَاءَ بِالرَّقَّةِ: أَمَّا بَعْدُ، فَلْتَكُنِ التَّقْوَى مِنْ بَالِكِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَخَفِ اللهَ مِنْ كُلِّ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكَ مِنْ قِلَّةِ الشُّكْرِ عَلَيْهَا مَعَ الْمَعْصِيَةِ بِهَا(3)، وَأَمَّا التَّبِعَةُ فِيهَا فَقِلَّةُ الشُّكْرِ عَلَيْهَا، فَعَفَا اللهُ عَنْكَ كُلَّ مَا ضَيَّعْتَ مِنْ شُكْرٍ، أَوْ رَكِبْتَ مِنْ ذَنْبٍ، أَوْ قَصَّرْتَ مِنْ حَقٍّ)*(4).
__________
(1) تفسير ابن كثير (4‍/2‍‍‍).
(2) عدة الصابرين (5‍‍‍).
(3) فإن في النعم حجةً وفيها تَبِعَةً، فأما الحجة بها فالمعصية بها.
(4) عدة الصابرين (0‍‍‍).

(1/8)


4- *(قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ:
يَدُ الْمَعْرُوفِ غُنْمٌ حَيْثُ كَانَتْ……تَحَمَّلَهَا شَكُورٌ أَوْ كَفُورُ
فَفِي شُكْرِ الشَّكُورِ لَهَا جَزَاءٌ……وَعِنْدَ اللهِ مَا كَفَرَ الكَفُورُ)*(1).
5- *(قَالَ الشِّنْقِيطِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:{أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدَونَ} (النحل/71): هَذَا إِنْكَارٌ مِنَ اللهِ عَلَيْهِمْ جُحُودَهُمْ بِنِعْمَتِهِ؛ لأَنَّ الكَافِرَ يَسْتَعْمِلُ نِعَمَ اللهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ فَيَسْتَعِينُ بِكُلِّ مَا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَيْهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ؛ فَإِنَّهُ يَرْزُقُهُمْ وَيُعَافِيهِمْ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَجُحُودُ النِّعْمَةِ كُفْرَانُهَا)*(2).
من مضار "الجحود"
(1‍) يُسَبِّبُ غَضَبَ الرَّبِّ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ.
(2‍) يُعْرِضُ عَنْهُ الخَلْقُ وَلاَ يَمُدُّونَ إِلَيْهِ يَدَ الْمُسَاعَدَةِ.
(3‍) الجُحُودُ مِنْ أَسْبَابِ مَنْعِ النِّعَمِ وَمَنْعِ نُزُولِهَا وَزَوَالِهَا بَعْدَ حُصُولِهَا.
(4‍) فِيهِ تَشَبُّهٌ بِاليَهُودِ وَالكُفَّارِ وَالْمُلْحِدِينَ .
(5‍) يُقَطِّعُ أَوَاصِرَ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ .
(6‍) لاَ يَصْرِفُ اللهُ عَنْ شُكْرِ نِعَمِهِ إِلاَّ غَافِلاً أَوْ جَاهِلاً.
__________
(1) الآداب الشرعية (1‍/1‍‍‍).
(2) أضواء البيان (3‍/8‍‍‍).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق